الكريم يتعرض بمنطقة في سنته المشروعة لجميع شؤون الحياة الإنسانية من غير أن يتقيد بقيد أو يشترط بشرط، ما يحكم على الإنسان منفردا أو مجتمعا، صغيرا أو كبيرا، ذكرا أو أنثى، على الأبيض والأسود، والعربي والعجمي، والحاضر والبادي، والعالم والجاهل، والشاهد والغائب، في أي زمان كان وفي أي مكان كان، ويداخل كل شأن من شؤونه من اعتقاد أو خلق أو عمل من غير شك.
فللقرآن اصطكاك من جميع العلوم والصناعات المتعلقة بأطراف الحياة الإنسانية، ومن الواضح اللائح من خلال آياته النادبة إلى التدبر والتفكر والتذكر والتعقل أنه يحث حثا بالغا على تعاطي العلم ورفض الجهل في جميع ما يتعلق بالسماويات والأرضيات والنبات والحيوان والإنسان من أجزاء عالمنا وما وراءه من الملائكة والشياطين واللوح والقلم وغير ذلك ليكون ذريعة إلى معرفة الله سبحانه، وما يتعلق نحوا من التعلق بسعادة الحياة الإنسانية الاجتماعية من الأخلاق والشرائع والحقوق وأحكام الاجتماع. والقرآن اعتبر في بيان مقاصده السنة النبوية. وعين للمسلمين الأسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكان المسلمون يحفظون عنه ويقلدون مشيته العلمية تقليد المتعلم معلمه في السلوك العلمي (1).
فلولا السنة ما عرفنا مجملات القرآن ولا اكتشفنا الكثير من أسراره وغوامضه. هذا بالإضافة إلى الكثير من الحوادث التي لم ينص عليها القرآن باسمها ووصفها وتركها للرسول صلى الله عليه وسلم الذي ائتمنه على وحيه وحمله مسؤولية الأداء والتبليغ والتفسير وبيان ما اشتبه حكمه وخفي على المسلمين وجهه فقال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) (2)، وقال: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه) (3)، وأوجب القرآن على المسلمين النزول على حكمه صلى الله عليه وسلم