في كل خلاف يحدث بينهم قال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (1)، وأكد عليهم أن يرجعوا إلى النبي في أمور دينهم وحثهم على الاستجابة لما يدعوهم فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم).
فمما سبق نعلم أنه لا غنى للكتاب عن السنة ولا وجه للسنة إلا الكتاب.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحث على تبليغ حديثه ويحذر من الكذب عليه.
قال صلى الله عليه وسلم: " ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه " (2)، قال النووي: فيه تصريح بوجوب نقل العلم وإشاعة السنن والأحكام. وقال المهلب: فيه أنه سيأتي في آخر الزمان من يكون له من الفهم في العلم ما ليس لمن تقدم، وقال ابن سيرين: وقد كان ذلك. قد كان بعض من بلغه أوعى له من بعض من سمعه (3)، والعلم ما بلغ أهله وأصحابه إلا من بعد عصر التدوين. أما قبل ذلك فكان للناس مع الحديث شؤون. ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الفترة من الزمان وهو يخبر بالغيب عن ربه فقال:
" ألا أني أوتيت القرآن ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول:
عليكم بهذا القرآن. فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه " (4).
والرجل الشبعان على أريكته الذي جاء ذكره في الحديث هو من استوى قاعدا على وطاء متمكنا. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " لألفين