صلى الله عليه وسلم أوصى بثلاث وقال: اخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم "، إلى هنا انتهت الوصايا. وأنت كما ترى من الوصايا ثلاث لكن الراوي أخبرنا بإثنين. وعندما جاء الدور على الوصية الثالثة قال الراوي: وسكت سعيد عن الثالثة. فلا أدري أسكت عنها عمدا أو قال مرة أو نسيتها " (1)، وهكذا حرمنا من الوصية الثالثة كما حرمنا من كتابة الصحيفة.
أين الوصية بخلافة راشدة متكفلة بصلاح النفوس والأموال والأحكام والأخلاق والصالح العام. هل يجوز أن يخشى معاوية بن أبي سفيان أن يترك أمة محمد بعده بلا راعي لها ولا يخشى محمد ذلك؟ أيكون سلاطين الإسلام الذين ورثوا الخلافة من والد إلى ولد أحرص على مصلحة الأمة من بني الرحمة؟ إن هذه التساؤلات ليست جديدة. فلقد طرحت من قبل وبعد وفاة الرسول بزمن يسير. روى البخاري: سئل بن أبي أوفى: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم أوصى؟ فقال: لا، فقيل: كيف كتب على الناس الوصية أو أمر بالوصية.
قال: أوصى بكتاب الله (2)، وفي رواية الترمذي: فقيل: كيف كتبت الوصية وكيف أمر الناس... " (3)، وقال في تحفة الأحواذي: أي كيف يؤمر المسلمون بشئ ولا يفعله النبي. وبذلك يتم الاعتراض (4).
وبعد هذا التساؤل من الناس جاء التساؤل الأهم روى البخاري عن الأسود قال: ذكروا عن عائشة أن عليا كان وصيا. فقالت: متى أوصى إليه؟ وقد كنت مسندته إلى صدري - أو حجري - فدعا بالطست - وفي رواية: فبال فيها - فلقد أثخنت في حجري فما شعرت أنه قد مات فمتى أوصى؟ (5)، والجدير بالتسجيل