ما كان يريد قيادة وإنما كان يخاف الفتنة وسنذكر أقواله في حينها. وكان من قبيلة لا تزاحم غيرها من القبائل على طلب رأس قريش. ولم يكن في نسبه ما يشمخ به على الناس (1). وكان منطقة توازن يميل إليه الكثير من الصحابة ولا يفرق بين هذا وذاك حتى أبو سفيان كان أبو بكر يكن له كل تقدير. ومعاملة كهذه تشهد بأنه كان ماهرا في قيادة السفينة. روى الإمام مسلم عن عائد بن عمرو أن أبا سفيان أتى على سلمان وهيب وبلال في نفر فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها. فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره. فقال النبي: يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك. فآتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا يغفر الله لك يا أخي (2) أنها أرضية من الحب. لم يتكبر على الضعفاء وإنما ذهب إليهم وطيب خاطرهم، قال النووي في الحديث: هذه فضيلة ظاهرة لسلمان ورفقته هؤلاء (3)، ولم يختلف الفاروق رضي الله عنه عن أبي بكر فهو من قبيلة لا تصارع قريشا على متاع ولم يكن عندها ما تشمخ به على القبائل كان منزله بالعوالي في بني أمية (4)، وكان يقدر أبا سفيان وأولاده، ذكر معاوية يوما عنده فقال: دعوا فتى قريش وابن سيدها (5)، فهذا كله يحفظ التوازن لتسير الدولة وفقا لمصلحة الأمة.
قد يقول قال: ما هو الدليل على أن كبار الصحابة أخذوا بمصلحة الأمة في أمر الخلافة ودفعهم النص؟ نقول: أما النصوص الخاصة بالولاية فقد قدمناها على امتداد هذا الكتاب وأما أخذهم بمصلحة الأمة فلقد روى ابن خزيمة في صحيحه والإمام أحمد بسند صحيح عن أبي رافع قال: لما استخلف الناس