فقبل ذهاب موسى لميقات ربه قال لأخبره كما أخبر تعالى: (قال موسى لأخيه هارون أخلفني في قومي وأصلح) (1)، فهارون عليه السلام نبي وخليفة (اخلفني في قومي) والشعاع الذي حول علي بن أبي طالب يطول منزلة الخلافة التي تقلدها هارون بنص الحديث الذي رواه الشيخان ولا يطول منزلة النبوة حيث لا نبوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب المسجد الضرار في بني إسرائيل نصبوا العجل في دائرته. ولما حاول هارون الاصلاح استضعفوه. قال هارون عليه السلام كما أخبر تعالى: (إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) (2)، ولأن القاعدة الأساسية في دين الفطرة أنه لا إكراه في الدين، وأن الله غني عن العالمين. فإن هارون بعد أن أقام عليهم الحجة اعتزل هو ومن آمن معه. وبعد عودة موسى عليه السلام قال لأخيه كما أخبر تعالى: (قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا * ألا تتبعن أفعصيت أمري * قال يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي) (3)، لقد عمل هارون من أجل المحافظة على الرمز والشعار الإسلامي وكفى به في عالم المعابد الضرار.
أما موسى عليه السلام. فلقد كان له رأي فيهم بعد أن خرجوا عن خط الخلافة الذي حدده. قال لهم فيما أخبر الله: (قال بئسما خلفتموني من بعدي) (4). ثم دعا موسى ربه: (قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين) (5). أما الذين اتخذوا العجل فضربهم الجزاء العادل بعد أن أشربوا في قلوبهم حب العجل، قال تعالى: (إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين) (6)،