للمشركين عهد عند الله وعند رسوله - إلى قوله تعالى - قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم...) (1)، ومن المعلوم أن أبا عامر مؤسس المسجد الضرار كان على علاقة وطيدة بمشركي المغرب والمنافقين في كل مكان. ولقد اتفق مع الجميع على أن يتوجه إلى قيصر الروم ويحثه على غزو المدينة، وعلى امتداد هذه المساحة تمت محاولة اغتيال الرسول وبناء المسجد الضرار ويبدو أن هناك مؤامرة اتفق عليها الحاقدون على الإسلام في مكة بعد فتحها وطائفة المشركين وتيارات النفاق - والدليل على ذلك فورة الصد عن سبيل الله التي تحدث القرآن والسنة عنها بعد فتحة مكة. تلك الفورة التي اختفت وراء جدار يرتدي ثياب الإسلام. ومن الدليل أيضا أن هذه الفورة استهدفت علي بن أبي طالب أيضا.
وذلك حينما أشاعوا يوم أن تركه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة يوم ذهابه إلى تبوك. إن النبي تركه مع النساء والصبيان وأنه قد استثقله وتخفف منه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر مشركي مكة بعد صلح الحديبية. أن لهم يوما من علي بن أبي طالب حيث سيقاتلهم على تأويل القرآن كما قاتلهم على تنزيله.
وسنتحدث عن هذه الأخبار في حينه. فدائرة الحقد على الإسلام كانت تختزن في ذاكرتها ما تخبئه لهم الأيام. وظل اتباع هذه الدائرة يكيدون للدعوة في حياة الرسول وبعد مماته صلى الله عليه وسلم على هذا الأساس فضلا على كراهيتهم الأصيلة للدعوة.
ومن الواضح أن دائرة الرجس ودائرة الدنس. اتفقتا على ثقافة يقتحمون بشذوذها المجتمع الإسلامي. ويتبين هذا من الحكم الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم مع علي بن أبي طالب إلى المشركين. حيث قال: " لا يطوفن بالبيت عريان "، وكانت سنة العرب في الجاهلية عندما يقصدون البيت الحرام. إن من دخل مكة وطاف البيت في ثيابه. لم يحل له إمساكها. وكانوا يتصدقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف. فكان من جاء إلى مكة يستعير ثوبا ويطوف فيه ثم يرده.
ومن لم يجد من يعيره ولم يكن إلا ثوابا واحدا. طاف بالبيت عريانا.