الرسول وبناء المسجد الضرار. وعلى إثر هذه التطورات كان للدعوة موقفها الجازم من خدمة النفاق والشرك. فقبل نزول سورة براءة كانت سيرة الرسول. أن لا يقاتل إلا من قاتله ولا يحارب إلا من حاربه وأراده. وقد كان أنزل عليه في ذلك: (فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا)، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه واعتزله. حتى نزلت عليه سورة براءة وأمره بقتل المشركين. من اعتزله ومن لم يعتزله إلا الذين قد عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة إلى مدة. ومنهم: صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو. فقال تعالى: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين * فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) (1)، لقد جعلهم في مأمن من هذه البرهة من الزمان. وتركهم بحيث لا يتعرض لهم بشر حتى يختاروا ما يرونه أنفع بحالهم من البقاء أو الفناء. وأخبرهم أن الأصلح بحالهم رفض الشرك فإذا انتهت المدة ولم يستقروا على الأصلح. فالفناء (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) (2)، فالبراءة بعد العهد لا بد أن يكون سببها التعدي من جانب المخلوق. وسورة براءة نزلت بعد عودة النبي صلى الله عليه وسلم من عزوة تبوك سنة تسع من الهجرة. وكان الصحابة يسمونها السورة الفاضحة. نظرا لأنها كشفت المخططات ووضعت الجهاز التخريبي في مأزق كما يستفاد من رواية ابن عباس في صحيح مسلم. فعن سعيد بن جبير قال. قلت لابن عباس: سورة التوبة. قال: التوبة!!
بل هي الفاضحة!! ما زالت تنزل. ومنهم ومنهم حتى ظنوا أن لا يبقى منا أحدا إلا ذكر فيها (3).
فما هي الأحداث التي أدت إلى نزول الوحي بقوله تعالى: (كيف يكون