صحيحة وأشاعوا غير ذلك كما ورد في تاريخ الطبري، قال علي للنبي: " زعم المنافقون إنك إنما خلفتني إنك استثقلتني وتخففت مني "، فقال له النبي:
كذبوا... أما ترضي يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " (1). لقد كان عليا مقياسا لما يجري على طريق تبوك. به يظهر النفاق ويشع. ووجوده في المدينة في غياب الرسول صلى الله عليه وسلم يحدد الخنادق بدقة. فأي ثقافة تخرج من المسجد الضرار لا يرضى عنها علي فهي ثقافة نفاق. وأي حشد في اتجاه المدينة لا يرضى عنه علي فهو حشد نفاق. وأي معارض يعارض أمرا لعلي فهو في دائرة النفاق. كما ذكر أبو سعيد الخدري " كنا نعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب " (2).
" حديث المنزلة رواه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم. وقال ابن عساكر. وقد روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة منهم عمر بن الخطاب وعلي وابن عباس وغيرهم. وقد تقصى ابن عساكر هذا الحديث في ترجمة علي في تاريخه فأجاد وأفاد وبرز مع النظراء والأشباه والأنداد (3).
ولقد ناقش العديد من الأفاضل هذا الحديث على خلفية أن هارون (ع) مات قبل موسى (ع) وتركوا لفظ " منزلة " وهو الذي يدور عليه الحديث. ومنزلة هارون ينبغي أن تناقش في ضوء الآيات القرآنية وليس في ضوء التواريخ الإسرائيلية. فقد قال تعالى: (ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده) (4)، فالآية تخبر أن موسى عليه السلام جاءهم بالبينات. واتخاذهم العجل من بعده، استمرارا لفعلهم. فهم في الحقيقة اتخذوا العجل في حياة موسى.
وهارون عليه السلام كان عليه شعاع من الضوء في حياة موسى عليه السلام.