ولن نستمر هنا في حديثنا عن مراحل تكوين إسرائيل، فقد وفينا ذلك الموضوع بحثا في دراستنا السابقة، ولكنا هنا نواصل كلامنا عن مراحل التطور المتصل بالصهيونية.
وأول ما يلاحظ الباحث في هذا المجال أن الصهيونية عقب إعلانها في حركة (عشاق صهيون) أو في (الحركة الصهيونية) اتخذت لها مفهوما أو مفاهيم محددة، ومن أهمها إحياء اللغة العبرية وجعلها اللغة الرسمية للجماعة الصهيونية، فكل من اعتنق فكرة الصهيونية كان عليه أن يبادر بتعلم اللغة العبرية دون إبطاء، ويقول شختر في تبيان ضرورة اللغة العبرية لليهود (اللغة العربية هي الخزانة التي أودعنا فيها كل نفيس من حياة بني إسرائيل الروحية) ولولاها لفصلنا من الشجرة الكبرى التي هي بمثابة الحياة للمتصلين بها، إن اليهود الإغريقيين هي الطائفة الوحيدة المعروفة في التاريخ بمحاولتها هذه التجربة للتخلص من اللغة العبرية، وقد خاب فألها وانتهت إلى الهلاك، سارت في طريق الاضمحلال، وأخيرا ارتدت جملة عن الدين اليهودي، فلنتجنب مغالطة أنفسنا، ليس هناك أي مستقبل لليهود الذين يقاومون اللغة العبرية) (1)، كما اتخذت الصهيونية فكرة التعصب العنصري والديني، وفكرة تقوية الشعور القومي لدى اليهود، وإحياء التاريخ اليهودي، وتقاليد اليهود وعاداتهم، واتخاذ القهر ضمن الوسائل المباحة للوصول إلى غايتهم، وهكذا أصبح للحركة الصهيونية (إيديولوجية) خاصة إذا استبحنا لأنفسنا استعمال هذا التعبير وكانت الجامعة العبرية من نتائج هذا الاتجاه، إذ قصد بها أن تكون المعهد الذي يعمل لإحياء اللغة العبرية. ويتبنى تنمية الشعور القومي وفكرة