جعله يقرر أن استمرار هذه الدولة فيه قضاؤها على نفسها.
ومن بينهم الكاتب البريطاني (نيفل باربو) الذي قال: إسرائيل لن يمكنها الاستمرار كدولة أوربية، تعيش فوق أرض عربية... إن هذا استعمار صريح.
أما (أنتوني ناتنج) الوزير البريطاني السابق، فقد كان رأيه مشروحا وطويلا، وذلك نتيجة لعمق صلته بالمشكلة، ومتابعة تطوراتها، فقد زار إسرائيل، وزار البلاد العربية، وله اتصالات لم تنقطع بمنظمات اللاجئين ومن هنا كان رأيه جديرا بالدراسة والتفكير.
ورأى (أنتوني ناتنج) يتلخص في أن الجنس الأوربي من اليهود غير مستقر في إسرائيل، وأن هؤلاء الأوربيين لم يجدوا مطلقا أماكنهم هناك، ولم ولن يشعروا بأي استقرار بالرغم من كونهم الجنس الحاكم أو المسيطر.
ويعلل هو ذلك بالأوضاع التي فرضت عليهم الهجرة، وتغير هذه الأوضاع الآن، فقد هاجروا من أوربا تطاردهم ذكرى معسكرات الاعتقال ومآسي الحرب والحطام.. إلى إسرائيل الموعودة حيث (أرض الأحلام) وحيث الفرص العديدة، والمستقبل الجديد، بالإضافة إلى الحماية والأمان. ويقول أنتوني ناتنج إن معظم هؤلاء قد أصيبوا بخيبة أمل شديدة، فإنهم لم يجدوا الفرص التي توقعوها، ولا المستقبل الأفضل، معظمهم كان من أصحاب المهن، ولكن لم تستوعبهم مجالات ا لعمل في إسرائيل، فتحولوا على الرغم منهم إلى الزراعة وفلاحة الأرض في المستعمرات التعاونية. وتمر سنوات وسنوات ثم يتأكدون تماما أن الجنة الموعودة لم تكن إلا سرابا، وأن معظمهم لا يحتل مكانه الصحيح، وفوق ذلك إحساس مرير بالغربة. وبعدم الاستقرار، وبالتفكك. وفي نفس الوقت تنتعش أوربا من جديد وتتسع فيها مجالات العمل.