بالزكاة ينقل الإنسان من الأنانية إلى الايثار، ومن الفردية إلى الجماعة، فيحس أنه فرد في هذا المجموع ينتفع به وينفعه (1).
وقبل الإسلام كانت هناك ضرائب، ولكنها كانت مفروضة على الفقير يدفعها للغني، يدفعها من عرقه وجهده، فإن لم يكف العرق والجهد سجن فيها أو دفعها من دمه، فجاء الإسلام وصحح الوضع فجعل الضريبة على الغني يدفعها لصالح الفقير.
وشهد التاريخ ثورات شبت نتيجة الضغط والقسوة، وكانت ثورات قامت بها الشعوب ضد الملوك، ولا تزال نظائر لها تحدث في عهدنا الحاضر، إذ يضيق الشعب بحاكمه الذي يأخذ الخير كله لنفسه. فيهب في وجهه، وتراق الدماء وتكثر الضحايا من الجانبين، ولكن الإسلام شهد حربا من نوع آخر، إنها حرب أشعلها الحاكم لمصلحة الشعب، إنها تلك الحرب التي قادها أبو بكر وهو يهتف: " والله لو منعوني عقال بعير كانوا يعطونه لرسول الله لقاتلتهم عليه " ولم يتوقف أبو بكر حتى أخذ للفقراء حقهم من الأغنياء وأصحاب النفوذ.
وهكذا نجد الزكاة أداة تطهير روحاني بالغ الغاية، وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك أبلغ تعبير، قال تعالى: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها (2) " وقد وضع النظام الإسلامي أسس العدالة الاجتماعية في أسمى صورها فجعل (المال ملكا للأمة، تحفظه اليد المستحقة فيه وتنميه، ثم تنتفع به الأمة كلها، يخرج من أحد جانبيها ويقع في الجانب الآخر، فهو منها كلها وهو إليها كلها وما اليد المعطية واليد الآخذة إلا يدان لشخصية واحدة، كلتاهما تعمل لخدمة تلك