ولا يتجه الحجاج المسلمون في حجهم إلى قبور يزورونها ويعظمون أصحابها كما تفعل كثير من الديانات، لأن من مبادئ الإسلام التي لقيت كامل العناية في التفكير الإسلامي إبعاد المسلم عن كل ما فيه شبهة تجاه تعدد الآلهة، وعن مهزلة عبادة الإنسان أو عبادة الأصنام.
ولذة الحج يدركها الحجاج أكثر مما يدركها أولئك الذين يكتبون عن الحج دون أن يقوموا به، ويمكننا أن ندرك هذه اللذة لو عرفنا أن آلاف الحجاج كل عام يقومون بالحج لمرة الثانية أو الثلاثة أو السابعة أحيانا، فلأي شئ جهد هؤلاء ورحلتهم ونفقاتهم الباهظة بعد أن أدوا الفريضة بحجهم الأول؟ إنها ليست إلا للذة والمتعة التي يحسون بها والتي تفوق عندهم ما يبذلون من جهد وما يدفعون من مال؟
ومما يتصل بهذا الموضوع أيضا ما نلاحظه في مختلف البلدان الإسلامية من أن أكثر الذين يحجون ليسوا مكلفين بهذه الفريضة، فقد أوضحت الشريعة الإسلامية أن الحج واجب على صحيح البدن، بشرط أن يملك تكاليف الرحلة، ويملك الإنفاق على نفسه خلالها عن سعة، ويملك ما يتركه لأهله ليعيشوا في رخاء مدة غيابه، على أن يكون هذا المال خاليا من الديون والحقوق. ولو قارنا هذه الشروط بآلاف الحالات لوجدنا أن غالبية الحجاج يقومون بالحج لا إسقاطا للفريضة لأنها في الحق ليست واجبة عليهم، بل يقومون بالحج للذة والمتعة والبهجة والسرور.
وهناك مآثر للحج تكشف عن روعة هذه الرياضة الروحية التي ينعم بها الحجاج، فإنه مع الزحام الشديد ومع الجهد الكبير الذي يبذله الحجاج تجد استجابة طيبة للآية الكريمة التي أوردناها آنفا وهي قوله تعالى " فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " فالأكثرية الغالبة من الحجاج يقابلون هذا