وفي الصلاة ثروة روحية عالية، فهي تبدأ بتكبيرة الاحرام " الله أكبر " وتلك العبارة تحمل صراخا في وجه المتكبرين والمتجبرين بأن الله أكبر منهم وأعظم، أو أن قواهم ليست شيئا وجبروتهم ليس إلا خيالا، وبتكبيرة الاحرام يبدأ المسلم رحلة إلى الله، رحلة روحانية، لم يتزود لها المسلم بطعام أو شراب، وإنما تزود لها بقراءات وأدعية، ويخلوا المسلم إلى الله فترة من الزمان، بعد أن خلص نفسه من علائقها المادية، واتجه اتجاها تاما إلى ربه، فلا يطعم ولا يشرب، ولا يكلم أحدا إلا الله. فيناديه ويناجيه، يحمده على نعمه، ويستغفر له من ذنبه ويطلب منه الهداية والتوفيق للطريق القويم.
ويركع المسلم ويسجد، وهو يناجي ربه بأن الخضوع لا يكون إلا لك، والانحناء لا يليق إلا أمام جلالك وعظمتك.
وتختم الصلاة بمجموعة من " التحيات " يذكر المصلي فيها ربه ويكرر تعظيمه وإجلاله، ويذكر النبي الكريم الذي حمل هذه الرسالة فقاد أتباعه إلى شاطئ السلامة، ويذكر كذلك إخوانه المسلمين، ويدعو لهم بالخير والصلاح.
وكل صلاة من الصلوات الخمس لا تستغرق أكثر من خمس دقائق في وضعها العادي، ولكن كثيرين من الناس يستكثرون هذه اللحظات.
والسبب في ذلك واضح، هو أنهم لا يحسون بحلاوة القرب من الله، ولا بلذة المناجاة. لأنهم حين يصلون ليسوا قريبين منه، وحين يتكلمون لا يناجونه، إنهم يدخلون الصلاة ليقوموا بأعمال أوتوماتيكية، ولتنطق ألسنتهم بما تعيه عقولهم.
إن فكرهم بعيد عن الله، إنهم يرتبون وهم يصلون ما سوف يعملون بعد الصلاة، وقد يكون ما يرتبونه ضلالا أو شرا، أو يستعرضون ما مر بهم من أحداث، وكثيرا ما كانت تلك ضلالا أو شرا كذلك.