وعرف الهنود الصوم قبل الميلاد بعدة قرون، فقد كان الانطلاق والاندماج في براهما إلههم أغلى ما يتطلع إليه العقل الهندي، وكانت الزهادة المفرطة بالصوم وأرق الليل وتعذيب النفس وسيلتهم لهذا الانطلاق، وكان يتحتم على الهندوسي ألا يقتل حيا ولا حتى الهوام. وعليه إذا مشى أن ينتبه حتى لا يطأ حشرة فيقتلها، وإذا شرب أن يتأكد أنه ليس في الماء الذي يشربه شئ حي، ولا يأكل ما فيه روح، وقد جاء في كتاب الهندوس المقدس:
وليكن طعامك مما تنبته الأرض وتثمره الأشجار ولا تقطف الثمر بنفسك، بل كل منه ما يسقط من الشجرة بنفسه، وعليك بالصوم تصوم يوما وتفطر يوما، وإياك واللحم والخمر، وإذا مشيت فامش في حذر، حتى لا ندوس نسمة وإذا شربت فاحذر أن تبتلع نسمة.
والچينية إحدى أديان الهند الكبرى، عمادها الزهد والرياضات الشاقة والتقشف والتشدد في العيش، ويسمى هذا الدين دين الانتحار، إذ يحث على الصوم حتى الموت (1).
ووجد الصيام عند اليهود فقد فرضت التوراة الصيام على اليهود، وكان موسى يصوم أربعين يوما في العام، ولا يزال اليهود المتدينون يصومون حتى الآن وإن اختلفوا في وقت الصوم وعدد أيامه، ومن أنواع الصوم عند اليهود الصوم عن الكلام كما فعلت مريم، والصوم عن العمل يوم السبت، أما الصوم عن الطعام فيوجد عند اليهود أحيانا في شكل فردي وأحيانا في شكل جماعي، ومن الصوم الفردي صيام الأفراد أو الأسر في حالات الحزن التي تنزل بهم أو عند التكفير عن خطيئة اقترفها الواحد منهم، أما الصوم الجماعي فمنه الثابت على مر الزمن كالصوم لذكرى الاضطهاد والتشريد الذي نزل بهم، وهناك