ولو نظرت إلى المصلين في صلاة الجمعة أو الجماعة وهم يركعون معا، ويسجدون معا، ثم يقفون، لحسبتهم يؤدون حركات جسمانية للرياضة كتلك التي يؤديها الشباب في الساحات الرياضية.
وقد حث الإسلام على انتظام الصفوف في الصلاة وعدم ترك فرجة فيها، وذلك بلا شك تعليم للنظام وترتيب الأمور وقد وحد الإسلام قبلة المسلمين، فاتجهوا جميعا نحو مكان واحد هو البيت الحرام بمكة المكرمة، ووقفوا يرددون نفس الكلمات، وتتجاوب في نفوسهم نفس المعاني، وهناك تصوير جميل وضعه باحث مسيحي يصور به المسلمين وهم يصلون، ونحن نقتبسه فيما يلي: وإذا نظرت إلى العالم الإسلامي في ساعة الصلاة بعين طائر في الفضاء وقدر لك أن تستوعب جميع أنحائه بغض النظر عن خطوط الطول والعرض، لرأيت دوائر عديدة من المتعبدين تدور حول مركز واحد هو الكعبة، وتنتشر في مساحة تزداد قدرا وحجما (1).
ويلتقي في المسجد الغني والفقير، والكبير والصغير، ويسجد الجميع لله، وله يركعون، وهذا تأكيد لخلق المساواة، ووضع للنظرية الإسلامية في المساواة موضع التنفيذ.
وفي صلاة الجماعة وصلاة الجمعة التقاء عائلي على نطاق واسع، يعرف أهل المحلة خلاله أحوال بعضهم البعض، فإذا غاب شخص تساءلوا عنه، وتعرفوا سبب غيابه، فإن كان مريضا عادوه، أن محتاجا ساعدوه، كما أن الاجتماع يكون فرصة لتسري الأخبار داعية للتعاون المنشود.
ويلتقط خطباء الجمعة الأخبار المهمة في داخل المحلة وخارجها ليجعلوا منها مادة لوعظهم، فيحاربون الضلال، وينشرون البر والهدى والرشاد.