كم استاء زوج لأن زوجته تأخرت في إعداد الطعام عن موعده، وكم اضطرب رجل لأن لفافات الدخان نفدت منه في وقت لا يستطيع أن يشتري بدلها، كأن يكون في الليل أو في رحلة، وفي كثير من الأوقات يصبح الواجد معدما، على أن الغني وهو في أوج غناه تأتي عليه ظروف يحتاج فيها إلى كوب ماء فلا يجده. أو كسرة خبز فتعز عليه، فكم من الأغنياء يعطش وهو في جلسة عامة أو في دار الخيالة وليس للماء في العادة سبيل آنذاك، وكم اضطرت الأعمال ذوي الأعمال أن يتأخروا عن مواعيد طعامهم وقنا طويلا أو قصيرا، وليس الصوم إلا مدربا يعد الشخص للتغلب على العادة التي اعتادها، ويساعده على عودة السيطرة على جسمه ويهيئه لما قد يلم به من مشكلات وأزمات.
وقد حدث لي بإندونيسيا حادث وثيق الصلة بموضوعنا هذا في خلال كتابة تلك النقطة من هذا الكتاب، ولم يحدث لي وحدي وإنما حدث لرفاق معي أيضا، وقصة ذلك أن فضيلة الأستاذ الأكبر (المرحوم) الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر كان في زيارة رسمية لإندونيسيا وكان في خطة تنقلاته بها أن يزور مدينة ميدان بسومطرة وأن أرافقه مع آخرين في هذه الرحلة، وكانت الطائرة على أن تغادر مطار جاكرتا في الثانية بعد الظهر، وكان مطلوبا منا أن نكون في المطار في الساعة الواحدة لنسلم حقائبنا ونؤشر على تذاكر سفرنا، ومعنى هذا أننا خرجنا من بيوتنا حوالي الساعة الثانية عشرة، ثم تأخر موعد قيام الطائرة من الثانية إلى منتصف الثالثة تقريبا، وعلى هذا بدأنا الرحلة وليس فينا شخص واحد تناول طعام الغداء، معتقدين أن الطائرة ستقدم لنا هذه الوجبة ثم ظهر أن الطائرة لا تقدم هذه الوجبة على اعتبار أن الرحلة بدأت بعد فترة الغداء، وأن الركاب تناولوا غداءهم قبل السفر، واستغرقت الرحلة