والتكالب لنيله، وقد وصف الإسلام الدواء للبشربة منذ أربعة عشر قرنا، ولكن كثيرين من الناس صموا آذانهم ولم يعوا هذه الدعوة، وهبت الحروب وأريقت الدماء، ثم وجد العالم ألا بد من أخذ قسط من مال الغني ورده إلى الفقير كما شرع الإسلام، بل بالغت بعض التشريعات فأزالت الملكية بتاتا، وحدت التوارث أو منعته، وجعلت الناس متساوين فيما يملكون، والطريقان بعيدان عن الصواب، فحصر الثروات في أيد قليلة شر لا يقره الإسلام " كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم " (1) والمساواة التامة بين الناس شئ يناقض الطبيعة، فالطبيعة فاوتت بين الناس في الصحة والذكاء والصوت وغيرها، والطبيعة تجعل الأبناء يرثون عن آبائهم هذه الصفات أو أكثرهم فكيف نحرمهم من ميراث المال، والطريق الوسط هو نظام الإسلام الاقتصادي، وسنعود له بحديث فيما بعد، وقد أوضحناه إيضاحا كاملا في كتاب آخر (2).
و " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " (3) وطبيعة الإنسان الشح " قل:
لو كنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق، وكان الإنسان قتورا (4) " والإنسان يعمل لينمي ماله في تجارة أو زراعة أو غيرهما، ثم يقدم الزكاة من هذا المال العزيز الذي كد في جمعه وتنميته، والذي هو زينة الحياة الدنيا على الرغم من طبيعته الشحيحة، إنها رياضة نفسية رائعة فرضها الإسلام ليسمو بالمسلمين عن دنيا المادة إلى صفاء الروح، وليعلمهم الحياة الاجتماعية السمحة التي لا يشغل فيها الشخص بنفسه وآله ويدع من سواهم، فالإسلام