مصر وقتل محمد بن أبي بكر فقال: (أما بعد فإن الله بعث محمدا نذيرا للعالمين وأمينا على التنزيل شهيدا على هذه الأمة وأنتم معاشر العرب يومئذ على شر دين، وفي شر دار، منيخون على حجارة خشنة، وحيات صم، وشوك مبثوث في البلاد، وتشربون الماء الخبيث، وتأكلون الطعام الخبيث، تسفكون دماءكم، وتقتلون أولادكم، وتقطعون أرحامكم، وتأكلون أموالكم بينكم بالباطل، سبلكم خائفة، والأصنام فيكم منصوبة، ولا يؤمن أكثركم بالله إلا وهم مشركون، فمن الله عز وجل عليكم بمحمد فبعثه الله إليكم رسولا من أنفسكم بلسانكم فعلمكم الكتاب والحكمة والفرائض والسنة، وأمركم بصلة أرحامكم، وحقن دمائكم، وصلاح ذات البين، وأن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وأن توفوا بالعهد ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها، وأن تعاطفوا وتباروا وتباذلوا وتراحموا، ونهاكم عن التناهب والتظالم والتحاسد والتباغي والتقاذف، وعن شرب الحرام، وبخس المكيال، ونقص الميزان، وتقدم إليكم ألا تزنوا ولا تربوا ولا تأكلوا أموال اليتامى ظلما ولا تعثوا في الأرض مفسدين ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، وكل خير يدني إلى الجنة ويباعد من النار أمركم به، وكل شر يدني إلى النار ويباعد من الجنة نهاكم عنه، فلما استكمل مدته توفاه الله سعيدا حميدا فيا لها مصيبة خصت الأقربين، وعمت المسلمين، ما أصيبوا قبلها بمثلها ولن يعاينوا بعدها أختها، فلما مضى لسبيله تنازع المسلمون الأمر بعده، فوالله ما كان يلقى في روعي (1) ولا يخطر ببالي أن العرب تعدل هذا الأمر بعد محمد عن أهل بيته، ولا أنهم منحوه عني، فما راعني (2) إلا انثيال الناس على أبي بكر وأجفالهم (3) ليبايعوه، فأمسكت يدي (4) ورأيت أني أحق بمقام محمد (صلى الله
(٦٨٤)