أهلا لذلك، فلا يصدق عليهم أنهم خلفاء بمجرد أهليتهم للخلافة، كما أن القاضي لا يصدق عليه أنه قاض بمجرد كونه أهلا للقضاء ما لم يتول القضاء، فكيف صار هؤلاء الأئمة هم الخلفاء الاثني عشر؟
والجواب:
لما دلت النصوص الصحيحة على أن الخلفاء الاثني عشر هم أئمة أهل البيت عليهم السلام، وأنهم هم الذين يجب اتباعهم ومبايعتهم وطاعتهم دون سواهم. فحينئذ لا يجوز العدول عنهم، ومبايعة من عداهم، لأن ذلك تبديل لحكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ورد لقوله، وإبطال لأمره.
على أن انصراف أكثر الناس عنهم لا يصيرهم رعية، ولا يصير غيرهم أئمة وخلفاء، كما أن انصراف أكثر الناس عن الاعتقاد بنبوة النبي لا يبطل نبوته. قال تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) (1). ولا ريب في أن ثمة فرقا بين القاضي المنصوب وبين من له أهلية القضاء، فإن الأول يسمى قاضيا، والآخر لا يسمى بذلك، إلا أن هذا أجنبيا عما نحن فيه، فإن الأئمة قد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهم ونص عليهم، فهم خلفاء لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سماهم بذلك، وإن لم يبايعهم الناس أو يقروا لهم بالخلافة. وحال هؤلاء حال من نصبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم للقضاء فأبى الناس، فإنه يكون قاضيا شاء الناس أم أبوا، وهذا واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.
ثم إن الأئمة عليهم السلام قاموا بأمور الإمامة خير قيام، فبينوا الأحكام، وأوضحوا شرائع الإسلام ، ونفوا عن الدين تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين، وردوا شبهات المضلين، فجزاهم الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين. والنبوة فضلا عن الإمامة لا تتقوم باتباع الناس أو بخلافهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان رسولا نبيا وهو في مكة لم يؤمن به إلا قليل، والإمام كذلك.