مسائل خلافية حار فيها أهل السنة - الشيخ علي آل محسن - الصفحة ١٠٥
الوقوع في الضلال. وبذلك يتضح أن قول عمر: حسبنا كتاب الله (1) يتنافى مع قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الأحاديث.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
قال المناوي في شرح ذلك: وفي هذا مع قوله أولا: إني تارك فيكم تلويح بل تصريح بأنهما - أي الكتاب والعترة - كتوأمين خلفهم ووصى أمته بحسن معاملتهما، وإيثار حقهما على أنفسهم، واستمساك بهما في الدين، أما الكتاب فلأنه معدن العلوم الدينية والأسرار والحكم وكنوز الحقائق وخفايا الدقائق. وأما العترة فلأن العنصر إذا طاب أعان على فهم الدين، فطيب العنصر يؤدي إلى حسن الأخلاق، ومحاسنها تؤدي إلى صفاء القلب ونزاهته وطهارته (2).
أقول: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض دال على أن العترة لا يفترقون عن كتاب الله العزيز مطلقا، وعدم الافتراق يتحقق من جهات ثلاث:
الجهة الأولى: أنهم لا يفارقون القرآن في أقوالهم وفتاواهم، فهي موافقة لمعاني القرآن الظاهرة والباطنة، وذلك لأنهم علموا محكمه ومتشابهه،

(1) قاله عمر لما أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتب في مرضه كتابا لا تضل به الأمة من بعده، وهذا الحديث مروي عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: لم اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال: إئتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده. قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا. فاختلفوا وكثر اللغط، قال: قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع. فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه. أخرجه البخاري 1 / 38، 4 / 85، 121، 6 / 11، 7 / 155، 9 / 137، واللفظ له، وأخرجه مسلم في صحيحه 3 / 1257 - 1259 بألفاظ متقاربة، وأخرجه أحمد بن حنبل في المسند 1 / 222، 293، 324، 336، 355، والحاكم في المستدرك وصححه 3 / 477، وغيرهم.
(2) فيض القدير 3 / 14.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست