قال المناوي في شرح الحديث: يعني إن ائتمرتم بأوامر كتابه، واهتديتم بهدي عترتي، واقتديتم بسيرتهم، فلن تضلوا. قال القرطبي: وهذه الوصية وهذا التأكيد العظيم يقتضي وجوب احترام أهله وإبرارهم وتوقيرهم ومحبتهم، وجوب الفرائض المؤكدة التي لا عذر لأحد في التخلف عنها، هذا مع ما علم من خصوصيتهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبأنهم جزء منه، فإنهم أصوله التي نشأ عنها، وفروعه التي نشأوا عنه، كما قال: فاطمة بضعة مني (1).
وقال التفتازاني: لاتصافهم بالعلم والتقوى مع شرف النسب، ألا يرى أنه صلى الله عليه وسلم قرنهم بكتاب الله في كون التمسك بهما منقذا من الضلالة، ولا معنى للتمسك بالكتاب إلا الأخذ بما فيه من العلم والهداية، فكذا العترة (2). وقال الدهلوي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إني تارك فيكم الثقلين، فإن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وهذا الحديث ثابت عند الفريقين: أهل السنة والشيعة، وقد علم منه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا في المقدمات الدينية والأحكام الشرعية بالتمسك بهذين العظيمي القدر ، والرجوع إليهما في كل أمر، فمن كان مذهبه مخالفا لهما في الأمور الشرعية اعتقادا وعملا فهو ضال، ومذهبه باطل لا يعبأ به ، ومن جحد بهما فقد غوى، ووقع في مهاوي الردى (3).
أقول: والتعبير بالتمسك دون الإمساك يدل على قوة الاقتداء بهما وشدة اتباعهما. وعليه فلا ينجو من الضلال من أخذ بشئ منهما، واتبع غيرهما وتمذهب بأي مذهب سواهما.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: بهما يدل على أن التمسك بأحدهما غير منج من