اصل الحكم ليس بمقصود من العالم وانما الخيرات هى المقصودة والشرور اعدام. وعند افلاطن ان الجميع مقصود ومراد.
وان ماورد به الامر والنهى في العالم من افعال المكلفين فانما هو ترغيب لمن كان في المعلوم انه يحصل (1) في المأمور والنهى تنفير لمن كان في المعلوم انه ينتهى عن المنهى، فكان الامر سببا لوقوع الفعل ممن كان معلوما وقوع الفعل منه والنهى سببا لانزجار من يرتدع عن القبيح لذلك ولولا الامر لكان لايرغب ذلك الفاعل ولولا النهى لكان لاينزجر. هذا، فكأن يتوهم ان مائة جزء من الفساد كان يمكن وقوعها لولا النهى واذا دخل النهى وقع خمسون جزأ من الفساد ولو لم يكن نهى وقع مائة جزء وكذلك حكم الامر لو لم يكن امر لكان لايقع شئ من الصلاح فاذا وردالامر حصل خمسون جزأ من الصلاح.
فاما المدح والذم فانما ذلك لامرين: احدهما حث فاعل على الخير على معاودة مثله الذى هو المراد منه وقوعه والذم زجر من حصل منه الفعل عن معاودة مثله ولمن يحصل منه ذلك ان يحجم عن فعل مالم يرد منه وقوعه مما في وسعه ان يفعله.
ولا يجوز ان يكون الثواب والعقاب على ما يظنه المتكلمون من اجزاء (2) الزانى مثلا بوضع الانكال والاغلال واحراقه بالنار مرة بعد اخرى وارسال الحيات والعقارب عليه فان ذلك فعل من يريد التشفى من عدوه بضرر او ألم يلحقه بتعديه عليه وذلك محال في صفة الله تعالى او قصد من يريد ان يرتدع عن المتمثل به عن مثل فعله او ينزجر عن معاودة مثله ولايتوهم ان بعد القيامة تكوين تكليف وامر ونهى على احد حتى ينزجر او يرتدع لاجل ما شاهده من الثواب والعقاب على ما توهموه.
واما الحدود المشروعة في مرتكبى المعاصى فانها تجرى مجرى النهى في انه ردع لمن ينتهى عن المعصية مما لولاه لتوهم وقوعه منه وقد تكون منفعة الحدود في منعه عن فساد آخر ولان الناس ينبغى ان يكونوا مقيدين باحد قيدين: اما بقيد الشرع وامابقيد العقل