وأقصد بشعور الانضباط التفات الإنسان إلى تصرفاته اليومية الصغيرة والكبيرة، هذا الالتفات الذي يمكنه أن يمسك قياد نفسه.
إن الانفعال السريع والتصرفات المرتجلة من أكبر بلاءات النفس البشرية، وأحسب ذلك بديهيا عند من يراقب تصرفاته ويحاسب نفسه عليها، ولذلك فشعور الانضباط لدى التصرف يعتبر من أغلى ما نملك لأنه مقود سلوكنا وسبب خيرنا.
باستطاعتك أن تلاحظ دبلوماسيا عريقا وهو يتحدث معك أو يدلي بتصريح كيف يزن كلماته ويختارها، وكيف يقدر مسؤوليته عنها وكيف يحاول تركيز المفهوم الذي يريد والإيحاء الذي يريد. إنه يعيش روح المسؤولية وشعور الانضباط (بمقياسه عن المسؤولية والإنضباط) وبسبب ذلك فهو يمسك زمام محادثاته وتصريحاته. فكيف لو ملك أحدنا شعور الانضباط بمقياس الإسلام الخير الشامل.
إن من السهل للإنسان قبل أن يقدم على تناول طعامه مثلا أن يتروى هذا الوعي ويستحضر هذا الشعور ثم يقوم بتناول طعامه بهذه الروحية فتراه مؤدبا في جلسته مرتاحا لنعمة الله عليه غير مسرف في طعامه وشرابه.
ولكن إذا كانت مرافقة شعور الانضباط في وجبة طعام تحتاج إلى مثل هذا الإعداد المسبق فكم يا ترى تحتاج تصرفاتنا اليومية الواسعة المتنوعة من إعداد؟
وكيف يمكن أن يعيش أحدنا تجاه حركة حياته كلها شعور الوعي والإنضباط؟
إنها مشكلة يضاعف منها ازدحام أوقاتنا بالأعمال وسرعة شخصيتنا في الانفعال والارتجال، فهل يمكن أن نحصل على شعور الانضباط في كل تصرفاتنا أو جلها؟
يرى الإسلام أن ذلك ممكن إذا توفرت الشخصية على شحنتين من الوعي والشعور، إحداهما طويلة على مدى العمر، والثانية فعلية يومية.
والشحنة الأولى هي مجموعة المفاهيم والمشاعر التي تشكل النظرة إلى الكون والحياة. والإيمان بالمسؤولية والجزاء والرقابة والتي يستجليها الإنسان