والأيديولوجية الكاملة الموحدة في الفكر والشعور والسلوك.
إن الواحد من هذه الشخصيات العقلانية لهو مادة للدراسة الفكرية والجمالية. إذا انفتحت عليه فهو يستهويك ويملك عليك لبك:
تجده صادقا في نفسه ومع نفسه ومع الأشياء، حيويا جادا في مفاهيمه وانفعالاته وتصرفاته.
يعيش وضوح الرؤية ووحدة المنهج في مجموعة أفكاره، ابتداءا من مفهومه عن الله والطبيعة والإنسان والتاريخ والمستقبل، إلى مفهومه عن نفسه وطريقه وعن الآخرين، وإلى مفاهيمه الجزئية الصغيرة.
ونفس هذه المنهجية المضيئة في مشاعره من أكبر شعور إلى أصغر شعور، وفي سلوكه ومواقفه المصيرية والجزئية.
وكما ينتظم كل بعد من شخصيته في هذا الصدق الجميل تنتظم الأبعاد الثلاثة الأفكار والمشاعر والسلوك في كل منسجم بديع. إنك تجد فيه البناء الإنساني المتين، والجمال الإنساني العميق كشجرة متكاملة متكافلة ثابتة الأصول، سامقة الفروع، فارعة الجمال، سخية الظلال والشذي والثمرات.
الحصول على السمت العقلاني:
وكذلك يستطيع المنهج الإلهي أن يصوغ بعقلانيته الفذة الإنسان الفذ.
وليس الحصول على هذا السمت في الشخصية مطلبا خياليا كما يظن البعض، ولا هو مقصور على شخصيات مؤمنة ماضية أتيح لها أن تضع نفسها في بساطة الهواء الطلق يوم كانت مغريات الحياة الدنيا قليلة ومشوشات الفطرة الإنسانية ضئيلة. كلا، فمتى سمح أحد من الناس للإسلام أن يعمل في شخصيته ولم يجد الثمرات فعلية، ومتى سمح الناس لهذا المنهج الرباني أن يسود مجتمعهم بنصه وروحه ولم يجدوا إنتاجه من الشخصيات العقلانية؟
الصعوبة إنما أتت من النظم الاجتماعية التي تحكم حياة الناس وتصوغ شخصياتهم بطرقها الملتوية الكاذبة، وتعيق الإنسان أن يبني نفسه بالإسلام