تقف إلى الصلاة فتفتتحها بصيغة رسمية (الله أكبر) ثم تقرأ تلاوة محددة هي فاتحة القرآن، ثم يفسح لك المجال الاختيار من مئة وسبع سور من كتاب الله. ثم تنحني للركوع فيقال لك أذكر الله وعبر عن شعورك نحوه عز وجل بما شئت، بالتحميد والتهليل والتكبير والتسبيح. ثم تهوي إلى السجود فتعطى نفس الحرية، وتجلس للشهادة بالوحدانية والرسالة لتؤدي صيغة الشهادة المحددة.
وهكذا تجمع لك تلاوات الصلاة بين متانة الالتزام وحيوية الحرية انسجاما مع خط الإسلام التربوي العام الذي يريد أن يخرج منك للحياة شخصية ملتزمة، حرة، منفتحة، متفاعلة في التزامها وحريتها. وما أيسر أن تلاحظ ذلك في صلاتك وتعيشه بالتفصيل.
ومما يلفت في أمر التلاوات هذه البلاغة الفائقة العمق في المحتوى، واليسر والمتانة في الصياغة.
ولا أحسبني أستطيع الإحاطة بأبعاد هذه التلاوات وجمالها التعبيري، إنها معاني الحياة والوجود وحقائق الشعور صبت في عبارات قوية ندية تصلح لأن تنطلق معها وتروي فكرك وعواطفك، لا لأن تحيط بها وتخضعها للمقاسات. ثم هي كثيرة نسبيا لا يناسب هذه الدراسة أن تستطرد في تفسيرها واستلهامها، لذا أختار منها نماذج وافية من المعين والمخير والمستحب وأسجل عنها ما يهدي إليه الله عز وجل.
التكبير.
مر معك في بحث الأذان شئ عن صيغة (الله أكبر) التي يبدأ بها الأذان، عن صيغتها المطلقة وصلاحيتها الشاملة وجرسها الحاسم. وها أنت تجدها هنا الصيغة الرسمية لافتتاح الصلاة إذ تسمى لذلك (تكبيرة الاحرام) بمعنى أنك بأدائها تدخل في حرم الصلاة.
وأول ما يواجهك هنا في هذه العبارة ملاءمتها البالغة لافتتاح الصلاة حتى