وهكذا يكون مفهوم التذكر والنسيان قضية أساسية يجعلها الله تعالى مصطلحا ويطرح الإسلام من زاويتها ويسميه " ذكرا " ويسمي المستجيبين له " متذكرين " ويسمي الكافرين به والمنحرفين عنه " ناسين ".
الصلاة ومعالجة النسيان:
كيف يعالج الإسلام " حالة النسيان " الخطيرة في الإنسان؟
طبعا ليس السؤال عن علاج يكون ضمانا كاملا لتذكر الإنسان وعدم نسيانه، لأن الضمان في هذا المجال يعني الاجبار أو شبه الاجبار على التذكر العقيدي والسلوكي، ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا، ولكنه تعالى لم ينشئ عالم الإنسان على هذا الأساس بل على أساس إبقاء معادلة التذكر والنسيان قائمة، كي يكسب الإنسان بإرادته ومعاناته فضيلة الاهتداء، ويتحمل بسوء إرادته مسؤولية الكفر والمعصية. بل نجد في كثير من نصوص الإسلام ودلائل العقل وآيات الحياة أن مسألة التكامل بالمعاناة، والتناقص بسوء الاختيار قانون ثابت لا يمس: (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون).
فالمعالجة الإسلامية لحالة النسيان إذن مجالها فيما دون الضمان الكلي الاجبار أي في تهيئة الأجواء المتعددة المحيطة بالإنسان من عالمه الداخلي والخارجي التي تساعده وتدفعه إلى التذكر.
أما القسم العقيدي من هذا النسيان، ويرافقه النسيان السلوكي طبعا، بمعنى نسيان الإنسان لربه وآخرته فيعالجها الإسلام فيما يعالجها ب " الذكر " أي بالقرآن وما فيه من آيات الدعوة إلى الإيمان التي لا تدع أفقا من آفاق التذكر إلا وتفتحه ولا لونا من ألوان معالجة النسيان إلا اتبعته: فمنها ما يلطف حتى يلمس أعماق القلب فيضيؤها، أو أعماق النفس فيثيرها. ومنها ما يشف حتى يجري الدمعة الحري، أو يرفرف بالروح في الملأ الأعلى. ومنها ما يضع