تلاوة التشهد الأذان أن الشهادة في الأساس إقرار يؤخذ من الشاهد أمام قاض في محكمة، ولكنها بلاغة الإسلام نقلتها من جلسة في محكمة إلى وقفة مفتوحة أمام الناس والأشياء وجعلت الوجود كله محكمة يدلي المؤذن بشهادته على أسماعه ويدعوه إلى تسجيلها وتصديقها. أما هنا في الصلاة فللشهادة معطى من لون آخر لا يبعد أن يكون أكثر بلاغة وعمقا:
إن المسلم هو الإنسان المقتنع الموقن بعقيدة الإسلام وشريعته، ولكن هذا اليقين معرض للنسيان اليومي في حركة السلوك، فنحن أبناء آدم من طبيعتنا أن ننسى كما نسي أبونا آدم عليه السلام من قبل (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما.) ومن ثم يرى الإسلام أن من الضروري لابن آدم كجزء من تربيه اليومي بالصلاة أن يسجل على نفسه الاقرار بإسلامه لله إقرارا مجموعا في كلمات مصوغا في شهادة يدلي بها المصلي وهو جاث على ركبتيه تسع مرات في آناء اليوم عله يعيش مفهومه الذي يؤمن به عن الكون ويوافق تحركه الواسع في الأرض مع شريعة هذا المفهوم، عله يحس بمسؤولية هذه الشهادة فلا ينحرف عنها. ثم يتبع هذا الاقرار بالإتجاه إلى الله عز وجل طالبا التبرك على مبلغ هذا الهدى وآله والمجاهدين في تثبيته وتوضيحه " اللهم صلى على محمد وآل محمد ".
أما بلاغة صيغة التشهد فما عليها من مزيد.
لاحظ انصباب الشهادة الأولى على الوحدانية، حتى لكأن المسألة مسألة وحدانية الله وليس الشهادة بوجوده عز وجل.. وكذلك هو الأمر، فالمشكلة الأوسع في العالم هي الوحدانية. هذا عالمنا أكثر من تسعة أعشاره يؤمنون بوجود الله، ولكن كم من هؤلاء من يوحدون الله حق توحيده؟ وكم من الموحدين نظريا يعيشون توحيد الله في سلوكهم، فلا يتلقون عن غير الله ولا يطيعون غير الله.؟
مسألة الاعتراف بوجود الله عز وجل هي الأساس، ولكنه تملك البرهان