الذات في بعد زماني ومكاني محدود ونقلها إلى بعد أرحب في الزمان والمكان.
من أجل هذا اعتبر الإسلام اعتقاد الإنسان بالغيب أساسا من أصول التدين به، واستثار في قرآنه وسنته كل ما أودعه الله تعالى في النفس البشرية من غرائز النزوع والأشواق في الكائن المحدود نحو المطلق عز وجل ونحو لقائه والخلود في نعيم الحياة الآخرة. حتى أننا نجد الحديث القرآني عن الغيب يستوعب عددا وفيرا من الآيات الكريمة ويقدم هذه الحقيقة من زواياها المختلفة وبالأساليب المختلفة.
ولم يكتف الإسلام بذلك فحسب، بل أدخل مفاهيم الارتباط بالله تعالى، والآخرة، والثواب، والعقاب، في تشريعاته لمجالات الحياة المتنوعة، حتى لنرى البعد الزماني والمكاني في أحكام النظام الاجتماعي الإسلامي يأبى المحدودية بمكان وزمان جيل من الناس، أو بمكان وزمان كل الحياة على الأرض، بل يتحد في مساحة واحدة مع بعد الغيب والحياة الآخرة.
دور الصلاة في التعامل مع الغيب:
الصلاة هذا العمل اليومي المركز بأفعالها البدنية وتلاواتها البليغة أسلوب فريد لنقل الإنسان من ذاته ومحيطه الصغير وزمانه القريب إلى الأفق الأرحب، وتحسيسه بالله تعالى وغيبه.
إن المصلي بمجرد دخوله في الصلاة بالإحرام ينتقل إلى بعد مكاني وزماني جديدين ويتعامل معهما، ولا نجد مصليا يفقه شيئا من صلاته إلا ويحس بهذه الحقيقة ويتأثر بها.
إن أهمية الصلاة في تحسيس الإنسان بمسؤوليته في الأرض وتصحيح مسيرته وأعماله كبيرة دون شك، ولكنها تأتي من تحسيسه بالله تعالى وبالآخرة وإعادة المفاهيم الإسلامية والمقاييس الإسلامية الرحبة إلى وعيه وشعوره.
إن مفاهيم المسلم عن الارتباط بالله تعالى والتوجه إليه، وعن التطلع والاشتياق إلى الآخرة، ومفاهيمه في السمو عما ينزل إليه الناس من متاع الدنيا