المعطى العقلي تطلق كلمة " النفس " في اللغة ويراد بها مجموعة القوى الكامنة في الإنسان، فتشمل قوى الغرائز، والقوى العاقلة، المدركة، وقوة الحياة (الروح) ولهذا فقد يقال أن التفريق بين المعطى العقلي والمعطى النفسي خطأ لأن العقل قوة من قوى النفس فمعطياته جزء من معطياتها.
غير أن لكلمة النفس استعمالين آخرين، فهي تارة تطلق على ما يقابل الروح كما تقول: إن نفس النائم غائبة عن جسده ولكن روحه حاضرة في جسده. قال الله عز وجل: (الله يتوفى الأنفس حين موتها، والتي لم تمت في منامها، فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) 42 الزمر.
وتارة تطلق كلمة النفس على ما يقابل العقل تقول: هذا أمر نفسي وهذا أمر عقلي، ويقصد بالأمور النفسية في هذا الاستعمال المشاعر الانفعالية في مقابل الرؤية العقلية المحضة.
ولما كان هذا الاستعمال للنفس والعقل اصطلاحا سائدا في وقتنا الحاضر جرينا عليه في هذا الفصل وقصدنا بالمعطيات النفسية من الصلاة: الحصيلة الشعورية، وبالمعطيات العقلية: الحصيلة الإدراكية المحضة بقطع النظر عما تنتجه من إنفعالات شعورية.
وأهم العطاء الإدراكي الذي تقدمه الصلاة إلى العقل نوعان: تصعيد درجة اليقين العقلي بالإسلام، وتركيز المنهج العقلي أو العقلائية في الوعي والسلوك.