المنطقي الفعال.
وقبل تسجيل المعطى النفسي من الصلاة يجب أن ننبه إلى خطأ النزعة الصوفية في تصور هذا المعطى. فقد اعتاد المتصوفة أن يجعلوا من صلاتهم أجواء حالمة وخيالات ناعمة يسرحون فيها كما يشاء لهم الهوى متصورين بذلك أنهم يناجون الله عز وجل أو يستشرقون أنواره أو ينعمون بالعيش في ملئه الأعلى. وقد انعكس هذا التصور للصلاة في نفوس الناس حتى أصبحت " صلاة الصوفي " مثلا للاستغراق في المشاعر الإيمانية!.
ويكمن الخطأ عند هؤلاء في تصورهم أن الصلاة نقلة للروح الإنسانية من واقع الحياة إلى عوالم مفترضة من الأشواق والأنوار، ثم في تصورهم أن كمال النفس الإنسانية يكون بالإنسلاخ عن واقع الحياة والامعان في تلك العوالم المفترضة.
غير أن هذين التصورين لا أساس لهما من الصحة، فلا النفس البشرية تكسب شيئا من الكمال إن هي هربت من واقع الحياة، ولا أنزل الله الصلاة لتكون وسيلة لهذا الهروب.
إن الصلاة الإسلامية في هدفها ومحتواها الصريحين إنما جاءت لتفتح أعين الناس على ما حولهم وتصلحهم لحركة الحياة وصناعة المستقبل. أما الصلاة التي تغمض العينين عن واقع الحياة وتفصل الإنسان عن حركتها فليست من صلاة الإسلام في شئ. بل لا أحسبها في رأي الإسلام إلا خمرا أثيمة تقوم بتهريب الإنسان من حركة يومه إلى خيالات سارحة يتصور نفسه مصليا قريبا من الله. وهل من فرق يا ترى بين هروب الفاسق عن الواقع بكأس من الخمر وهروب الصوفي عن الواقع بركعتين من الصلاة؟ لا أجد فرقا إلا في وسيلة الهروب. وسوف يأتي إن شاء الله بيان دور الايحاء الذاتي في صلاة المتصوفة.
أما المعطيات الشعورية الصحيحة التي تقدمها الصلاة إلى النفس فهي كثيرة متنوعة، ونذكر هنا أهم ما بقي منها مضافا إلى ما مر عليك: