وينميها ويرسخها في شخصيته من خلال نضجه في الوعي والشعور والتجارب. والشحنة الثانية هي مجموعة المفاهيم والمشاعر التي تقدمها الصلاة اليومية. فإذا ما توفر الإنسان على هاتين الشحنتين فإنه دون شك سيعيش روح المسؤولية والخشية من الله على شكل ملكة في نفسه وطابع في شخصيته، وسيرافق تصرفه شعور الانضباط والوعي إلى درجة كبيرة.
ومن عجائب ما نلاحظ في منهج التربية الإلهي أنه يؤكد على هاتين الشحنتين كأساسين لا غنى عنهما للشخصية حتى لتجد مسألة (تعميق الإيمان) ومسألة (الصلاة) من أولى المسائل التي اهتم بها الله عز وجل وحث عليها الإنسان.
ولا تقتصر فقرات الصلاة التي تعطي شحنة الانضباط السلوكي هذه على التحسيس بالمسؤولية ورقابة الله فقط، بل أن توزيع الصلاة وتوقيتها وبالأخص توقيت صلاة الصبح بين طلوع الفجر وطلوع الشمس ونوعية الوقوف والانتظام في الصلاة والإقبال والجد المطلوبين. كل أولئك يتعاونون على تقديم شحنة الانضباط وترسيخها في النفس.
لا زال علماء النفس يبحثون عن وسائل لضبط الشخصية والحد من جماحها وإمساك زمامها حتى يستطيع الإنسان أن يتفادى شرورا كثيرة ويكسب خيرا كثيرا، وإذا تقدمت بحوثهم في هذا المجال فإنهم لا شك سوف يجدون بغيتهم في الشخصية التي تعيش حقيقة الإيمان وحقيقة الصلاة، فهذه الشخصية هي التي تملك الوعي في التصرف والإنضباط في السلوك والتحكم في العواطف الجامحة.