وما القيامة في المفهوم الإسلامي إلا مرحلة كبرى من حركة الطبيعة المشهودة والغائبة حيث تتحقق الوحدة بين عوالمها ويتم انفتاحها على الخالق سبحانه.
ولذلك كانت القيامة، من ناحية مرحلة النضج والاكتمال لجميع الطبيعة بما فيها الإنسان. ومن ناحية ثانية لقاء كافة الموجودات بالخالق سبحانه بما يناسب ذاتها ونضجها من لقاء.
علاقتنا بالغيب:
رأينا في الفقرة المتقدمة أن المسألة الفكرية والاجتماعية من زاوية مفهوم " التذكر والنسيان " هي أن يكون الإنسان متذكرا أو ناسيا، ومدى الجهد الذي يبذله في استحضار القاعدة المركزية، والاحتفاظ بحيويتها وتوجيهها.
ونرى المسألة من زاوية مفهومي الشهادة والغيب هي أن يرضى الإنسان لنفسه بالعيش ضمن إطار ضيق من المكان والزمان أو يرتفع ليعيش ضمن إطار أوسع يشمل الشهادة والغيب، ومدى الجهد الذي يبذله للتعامل بهذا الأفق الرحب.
قد يقول قائل: ما لنا وللعلاقة بالغيب وبالعالمين الأخرى والزمن الآخر، وما دخالة ذلك بحياة الإنسان ومشاكلها.؟
ولكن مثل هذا الكلام الناشئ من الميل إلى الحياة بالمحدودية الزمانية والمكانية. يؤكد أهمية وعي الإنسان لمسألة علاقته بالغيب، ليس بسبب أنها واقع علمي موضوعي فحسب بل لآثارها الكبيرة على حياته.
ما هو التطور الأساسي الذي طرأ على الإنسان المشرك عابد الوثن بدخوله في الإسلام؟ من هذه الرواية، نجد أن الأفق الزماني والمكاني الذي كان فيه هذا الإنسان الذي يمتد من جبهته إلى الصنم، إلى محيط حياته الشخصية والقبلية، ولا يتعدى ذلك. وبمجرد دخوله في الإسلام اتسع هذا الأفق إلى الاعتقاد برب العالمين عالم الغيب والشهادة وبالآخرة وبمسؤولية حمل الرسالة إلى شعوب الأرض. إن البعد الزماني والمكاني الذي انتقل إليه هذا الإنسان هو