جناية الذاتية حب الذات:
" وحب الذات هو الغريزة التي لا نعرف غريزة أعم منها وأقدم، فكل الغرائز فروع هذه الغريزة وشعبها، بما فيها غريزة المعيشة. فإن حب الإنسان لذاته الذي يعني حب اللذة والسعادة لنفسه وبغضه للألم والشقاء لها هو الذي يدفع الإنسان إلى كسب معيشته وتوفير حاجياته الغذائية والمادية. ولذا قد يضع حدا لحياته بالانتحار إذا وجد أن تحمل ألم الموت أسهل عليه من تحمل الآلام التي تزخر بها حياته.
فالواقع الطبيعي الحقيقي إذن الذي يكمن وراء الحياة الإنسانية كلها ويوجهها بأصابعه هو حب الذات، الذي نعبر عنه بحب اللذة وبغض الألم.
ولا يمكن تكليف الإنسان أن يتحمل مختارا مرارة الألم دون شئ من اللذة في سبيل أن يلتذ الآخرون ويتنعموا إلا إذا سلبت منه إنسانيته وأعطي طبيعة جديدة لا تتعشق اللذة ولا تكره الألم.
" إن المقياس الفطري يتطلب من الإنسان أن يقدم مصالحه الذاتية على مصالح المجتمع ومقومات التماسك فيه. والمقياس الذي ينبغي أن يحكم ويسود هو المقياس الذي تتعادل في حسابه المصالح كلها، وتتوازن في مفاهيمه القيم الفردية والاجتماعية. فكيف يتم التوفيق بين المقياسين وتوحيد الميزانين، لتعود الطبيعة الإنسانية في الفرد عاملا من عوامل الخير والسعادة للمجموع، بعد أن كانت مثار المأساة والنزعة التي تتفنن في الأنانية وأشكالها؟
إن التوفيق والتوحيد يحصل بعملية يضمنها الدين للبشرية التائهة، وتتخذ العملية أسلوبين: