اليقين العقلي ودور الصلاة فيه درجات اليقين العقلي:
يجب أن نميز في اليقين أي يقين بين ناحيتين: إحداهما القضية التي تعلق بها اليقين، والأخرى درجة التصديق التي يمثلها اليقين. فحين يوجد في نفسك يقين بأن جارك قد مات، تواجه قضية تعلق بها اليقين وهي: أن فلانا مات، وتواجه درجة معينة من التصديق يمثلها هذا اليقين، لأن التصديق له درجات تتراوح من أدنى درجة للاحتمال إلى الجزم، واليقين يمثل أعلى تلك الدرجات، وهي درجة الجزم الذي لا يوجد في إطاره أي احتمال للخلاف.
وإذا ميزنا بين القضية التي تعلق اليقين بها ودرجة التصديق التي يمثلها ذلك اليقين، أمكننا أن نلاحظ أن هناك نوعين ممكنين من الحقيقة والخطأ في المعرفة البشرية.
أحدهما: الحقيقة والخطأ في اليقين من الناحية الأولى، أي من ناحية القضية التي تعلق اليقين بها والحقيقة والخطأ من هذه الناحية مردهما إلى تطابق القضية التي تعلق بها اليقين مع الواقع وعدم تطابقها، فإذا كانت متطابقة فاليقين صادق في الكشف عن الحقيقة، وإلا فهو مخطئ.
والآخر: الحقيقة والخطأ في اليقين من الناحية الثانية، أي من ناحية الدرجة التي يمثلها من درجات التصديق، فقد يكون اليقين مصيبا وكاشفا عن الحقيقة من الناحية الأولى ولكنه مخطئ في درجة التصديق التي يمثلها. فإذا تسرع شخص وهو يلقي قطعة النقد، فجزم بأنها سوف تبرز وجه الصورة نتيجة لرغبته النفسية في ذلك، وبرز وجه الصورة فعلا، فإن هذا الجزم واليقين المسبق يعتبر صحيحا وصادقا من ناحية القضية التي تعلق بها، لأن هذه القضية طابقت الواقع، ولكنه رغم ذلك يعتبر يقينا خاطئا من ناحية درجة التصديق التي اتخذها بصورة مسبقة، إذ لم يكن من حقه أن يعطي درجة للتصديق بالقضية " إن وجه الصورة سوف يظهر " أكبر من الدرجة التي