أيضا، وحسب الإنسان أن ينظر من ظاهرة الصلاة في الإصطفاف اليومي في المساجد وفي الأعياد وفي الصلاة في موسم الحج لكي يحكم بأن هذا المجتمع المصلي مجتمع واحد في حقيقته مهما اختلفت جنسياته وأقاليمه، فكيف إذا أضاف إلى ذلك وحدة الروحية في هذا الإصطفاف ووحدة مركز الاتجاه فيه، ووحدة المحتوى الفكري الذي يعبر عنه، والتفت إلى ما يستتبعه هذا الالتقاء من وحدة في شؤون أخرى كثيرة وما يقدمه من ثمرات كبيرة.
ومن ناحية ثانية، تقوم الصلاة بتعميق الوحدة في المجتمع الإسلامي. وذلك لأنها بذاتها تمثل وشيجة فكرية وشعورية بين إفراده، ولا نريد أن نكرر أن الصلاة الإسلامية ليست عملا شكليا يقصد منه توحيد المجتمع في تقليد جامد وأنها ترب يومي ضروري لإعداد الشخصية المسلمة للقيام بدورها الطليعي في الحياة، وأنها من هذا الأفق آية من آيات الله شكلا ومضمونا وتأثيرا في تكوين شخصية الفرد والمجتمع وتعميق مفاهيم الإسلام عن الأخوة والتعاطف والمساواة والحنان والتكافل بين أفراد مجتمعه. فقد تقدم من ذلك ما فيه الكفاية.
لقد تعودنا أن نقرأ وأن نكتب عن الوحدة والمساواة بين الناس وأن نشيد بهذه الفكرة، ولكن يجب أن نعرف أن هذه المفاهيم لكي تسود المجتمع فلا بد من الانطلاق فيها من قاعدة عقائدية متينة ولا بد من تجسيدها بتشريعات فعالة.
إنه ما أيسر أن يقول الحكام والأغنياء للناس نحن أفراد منكم لنا ما لكم وعلينا ما عليكم، ولكن ما أصعب أن يكون هذا الكلام دينا يدينون به وحقيقة يعيشونها.
إن الإسلام يؤمن بأنه لا يكفي لتحقيق الوحدة والمساواة في المجتمع أن تسود المفاهيم والتشريعات النظرية في حين يبقى الواقع مفصولا عنها رازحا تحت وضع مضاد لها، لذلك لا بد في رأيه من القضاء على الهوة الفاصلة بين المفاهيم الخيرة وبين الواقع الشرير. ولو أن الصلاة الإسلامية طبقت في