وثالثا: لو افترضنا أن الصلاة النافلة لا تنعكس طاقة على حركة الحياة، وأن فائدتها تنحصر في الآخرة. فإنا نسأل الذين يستكثرون على الإنسان أن يقضي ساعتين من يومه في الصلاة: هل هم مشفقون على وقت الإنسان وجهده حقا؟ وكيف يقضون هم أوقاتهم، وفي سبيل ماذا ينفقون طاقاتهم؟
أنظر إلى المساحة العريضة من الناس لتجد رخص الأهداف، وقتل الأوقات وهدر الثروات والطاقات! لتجد القوى المجندة والأعمار المسخرة للبطالة والعبث والإفساد في الأرض!. أفكل هذا الاسراف لا يؤثر على مهمة الإنسان في إعمار الأرض وإغناء الحياة، وساعة أو ساعتين في مدرسة الصلاة تعد إسرافا! أي منطق هذا؟
إن على أحدنا حينما يسترخص النوافل ويقلل من أهمية الاكثار من الصلاة أن ينظر إلى أوقاته هل ينفقها في ما هو أكثر أثرا في شخصيته وحياته من الصلاة؟
إن المسألة ليست الحرص على الوقت والجهد والأهداف بقدر ما هي الاستعمار الذهني والحجاب النفسي عن رؤية الإسلام وصلاته.
كيف يصبح قلب من يكثر الصلاة:
اليوم الذي يتوفق فيه لشئ من النوافل بإقبال يمتاز عن سائر أيامنا بالحيوية والعطاء، ذلك أن النوافل تملأ القلب بالإحساس بالله والوثوق في السلوك والاطمئنان إلى الحياة وما فيها.
من هذه الأيام الغنية في حياتنا ومن معرفة النماذج التي نؤدي النوافل دائما نستطيع أن ندرك ثراء القلوب المكثرة من الصلاة.
أعرف شابا متوسطا في وعيه وذكائه، ألقى الله في قلبه حب الصلاة فأخذ يؤدي فرائضه بوعي ثم أخذ يؤدي النوافل ما عدا نافلتي الظهر والعصر، ولم تمض مدة حتى ظهر عطاء النوافل في هذا المسلم. لقد مزجته الصلاة بالنور حتى تبلورت قسماته وتفتح ذهنه واطمأن قلبه أصبح يستوعب ما يقرأ، ويجيد