المطلب، ثم إلى عبد الله، ثم إلى نبيه (صلى الله عليه وآله)، فدعا الناس ظاهرا وباطنا وندبهم سرا وعلانية، واستدعى الفهوم إلى قيام بحقوق ذلك السر اللطيف، وندب العقول إلى الإجابة لذلك المعنى المودع في الذر قبل النسل.
فمن وافقه قبس من لمحات ذلك النور واهتدى إلى السر، وانتهى إلى العهد المودع في باطن الامر وغامض العلم، ومن غمرته الغفلة وشغلته المحنة استحق البعد، ثم لم يزل ذلك النور ينتقل فينا ويتشعشع في غرائزنا، فنحن أنوار السماوات والأرض، وسفن النجاة، وفينا مكنون العلم، وإلينا مصير الأمور، وبمهدينا تقطع الحجج، فهو خاتم الأئمة، ومنقذ الأمة، ومنتهى النور، وغامض السر، فليهن من استمسك بعروتنا وحشر على محبتنا " (1).
وروى شعبة (وسعد بن الحجاج) عن هشام بن يزيد والشيخ المفيد يرفعه اليه:
قال: " كنت أنا وأبو ذر وسلمان وزيد وابن أرقم عند النبي (صلى الله عليه وآله) وساق الحديث:
إلى أن قال (صلى الله عليه وآله): " خلقني الله تبارك وتعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق آدم بسبعة آلاف عام، ثم نقلنا إلى صلب آدم ثم نقلنا من صلبه في أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات.
فقلت: يا رسول الله فأين كنت وعلى أي مثال كنتم؟
قال (صلى الله عليه وآله): كنا أشباحا من نور تحت العرش نسبح الله تعالى ونحمده.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): لما عرج بي إلى السماء، وبلغت سدرة المنتهى ودعني جبرائيل (عليه السلام)، فقلت: حبيبي جبرئيل أفي هذا المقام تفارقني.
فقال: يا محمد اني لا أجوز هذا الموضع فتحترق أجنحتي.
ثم زج بي في النور ما شاء الله، فأوحى الله إلي: يا محمد اني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبيا، ثم اطلعت ثانيا فاخترت منها عليا فجعلته وصيك ووارث علمك والإمام بعدك، واخرج من أصلابكما الذرية الطاهرة والأئمة المعصومين خزان علمي، فلولاكم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة ولا الجنة ولا النار،