ثم انتقلت تلك الحقيقة العلوية والنطفة المصطفوية، عبر الأنبياء المعصومين والأوصياء الميامين، إلى عالم الهداية البشرية ومكان التشريف الإلهي، فأفاضت على الكونين، وأظهرت ما عم الخافقين، علما وعملا.
ثم عادت إلى مبدئها الأزلي، ومقرها الأبدي في ظلمات النور وقرب الرب المعبود عزت آلاؤه.
* قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " اللهم بلى لن تخلو الأرض من قائم لله بحجته، لكيلا تبطل حجج الله على عباده، أولئك هم الأقلون عددا، الأعلون عند الله قدرا، بهم يحفظ الله حججه.
هجم بهم العلم على حقيقة [الايمان]، فاستلانوا ما استوعر منه المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه، ودعاته إلى دينه، آه ثم آه واشوقاه إلى رؤيتهم " (1).
عوالم ثلاثة نزولا وصعودا، من الله والى الله وهم في ذلك لا يفكرون إلا في مرضاة الله، وإطاعة أوامره العلية في هداية البشرية.
مراتب كان لا بد من تفصيل القول فيها لنتعرف على أئمة الهدى واصل التقى، معرفة دقيقة من القرآن الكريم ورواياتهم الشريفة، فاستصوبت من عيون كتب العامة والخاصة معا لأنه إذا اتفق المتضادان في النقل على خبر فالخبر حاكم عليهما.
معرفة مستوعبة موضوعية لجميع المفاهيم المرتبطة بهم والمتعلقة فيهم، منذ ابتداء أنوارهم وحتى رجعتهم الينا، مرورا بشفاعتهم ورؤيتهم.
فكان كتاب (آل محمد: بين قوسي النزول والصعود).
كان هذا الكتاب ليعيد الأذهان إلى فطرتها التي تخلينا عنها بمرور الزمن، فأصبحنا إذا سمع البعض منا كرامة، أو معجزة لأحد الأطهار قال: حدث العاقل بما يعقل؟ خرافات أو غلو؟