والمتتبع للروايات يدرك ذلك وسوف أنقل لك كلام العلامة المجلسي الذي وقف على جل هذه الروايات وخرج بالنتيجة التالية قال:
(فذلكة: اعلم أن الغلو في النبي والأئمة: انما يكون بالقول بألوهيتهم أو بكونهم شركاء لله تعالى في المعبودية أو في الخلق والرزق أو ان الله تعالى حل فيهم أو اتحد بهم، أو انهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى، أو بالقول في الأئمة: انهم كانوا أنبياء أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات ولا تكليف معها بترك المعاصي.
والقول بكل منها إلحاد وكفر وخروج عن الدين، كما دلت عليه الأدلة العقلية والآيات والأخبار السالفة وغيرها، وقد عرفت أن الأئمة (عليهم السلام) تبرؤوا منهم وحكموا بكفرهم وأمروا بقتلهم وان قرع سمعك شئ من الأخبار الموهمة لشئ من ذلك فهي اما مأولة أو هي من مفتريات الغلاة.
ولكن أفرط بعض المتكلمين والمحدثين في الغلو لقصورهم عن معرفة الأئمة (عليهم السلام) وعجزهم عن إدراك غرائب أحوالهم وعجائب شؤونهم فقدحوا في كثير من الرواة الثقات لنقلهم بعض غرائب المعجزات حتى قال بعضهم: من الغلو نفي السهو عنهم أو القول بأنهم يعلمون ما كان وما يكون وغير ذلك.
مع أنه قد ورد في أخبار كثيرة: " لا تقولوا فينا ربا وقولوا ما شئتم ولن تبلغوا " وورد: " ان أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان " وورد: " لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله "، وغير ذلك مما مر وسيأتي) (1).
وقال في موضع أخر: (قد عرفت مرارا ان نفي علم الغيب عنهم معناه انهم لا يعلمون ذلك من أنفسهم بغير تعليمه تعالى بوحي أو إلهام وإلا، فظاهر أن عمدة معجزات الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) من هذا القبيل) (2).