يتبرأ من الذين نسبوه إلى الاحياء بإذن الله، بل هو صحيح مذكور في القرآن، كما تقدم.
إنما عيسى عليه السلام تبرأ من الذين نسبوا إليه الاحياء بالاستقلال فادعوا له الربوبية، ولعل هذه الرواية تحل أصل روايات نفي التفويض فتأمل.
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) عندما سئل عن التفويض الذي يقول به بعض من ينتسب لعبد الله بن سبأ؟
فقال (عليه السلام): " ما التفويض؟ ".
قلت [زرارة]: أن الله خلق محمدا وعليا ففوض إليهما، فخلقا وزرقا وأماتا وأحييا.
فقال (عليه السلام): " كذب عدو الله إذا انصرفت إليه فاتل عليه هذه الآية:
* (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق) * " (1).
وهذا نص أوضع فالامام لم يجب حتى سأله عن مراده من التفويض، فلما فهم منه انه يريد التفويض بالاستقلال المساوق للقول بوجود شريك لله، نفاه عنهم واستدل بآية تنص ان صاحب التفويض يعتبر شريكا لله * (أم جعلوا لله شركاء) * فالمنفي التفويض الذي يؤدي إلى القول بأن لله شريكا، والذي يعتبر خلقه مشابها ومتساويا مع خلق الله، أما من يعتبر خلقه مظهرا لخلق الله تعالى فلم ينفه.
- وفي دعاء الجوشن الكبير: " يا من لا يعلم الغيب إلا هو... يامن لا يدبر الأمر إلا هو يا من لا ينزل الغيث إلا هو يا من لا يبسط الرزق إلا هو يا من لا يحيي الموتى إلا هو سبحانك.. ".
فمطلع الدعاء انحصار علم الغيب بالله، إلا أن الصحيح أنه ينفي علم الغيب لغير الله بالاستقلال وبلا تعليمه، بقرينة تدبير الأمور والرزق والاحياء والإماتة، فمع كونها منحصرة بالله فقد فوضها الله تعالى للملائكة وجبرائيل والأنبياء، كما تقدم