فقد بين الحاكم أنه يوجد عند السنيين اتجاهان في تعيين الذبيح: قول بأنه إسماعيل، وهو الاتجاه الشعبي عند الناس وعند مشايخ الحديث الأكثر تقديسا للنبي (صلى الله عليه وآله) واختلاطا بالناس، ولم يكن عندهم شك ولا خلاف بأن الذبيح إسماعيل.
وقول بأنه إسحاق، وهو اتجاه (مصنفي هذه الأدلة) أي مجموعات الأحاديث التي أمرت دولة الخلافة بتصنيفها، وكانت تكتبها على دفاتر وتبعث بها إلى الآفاق، ومن راجع قصص دفاتر الزهري والعلماء الذين صنفوا الحديث برعاية الدولة، يعرف أن مقصود الحاكم هؤلاء المصنفين! ثم أشار الحاكم إلى أن هذه الأحاديث أوجبت عليه أن يتوقف فيما هو مشهور عند مشائخ الحديث، وأن يميل إلى اتجاه المصنفين، وأن الذبيح إسحاق وليس إسماعيل!
ثم أورد رواية عن وهب بن منبه (اليهودي المقبول في مصادرهم) تؤكد أن الذبيح إسحاق وأنه هو شفيع الموحدين!! قال الحاكم:
عن وهب بن منبه قال: حديث إسحاق حين أمر الله إبراهيم أن يذبحه: وهب الله لإبراهيم إسحاق في الليلة التي فارقته الملائكة، فلما كان ابن سبع أوحى الله إلى إبراهيم أن يذبحه ويجعله قربانا، وكان القربان يومئذ يتقبل ويرفع، فكتم إبراهيم ذلك إسحاق وجميع الناس وأسره إلى خليل له، فقال العازر الصديق وهو أول من آمن بإبراهيم وقوله، فقال له الصديق: إن الله لا يبتلي بمثل هذا مثلك ولكنه يريد أن يجربك ويختبرك، فلا تسوأن بالله ظنك، فإن الله يجعلك للناس إماما ولا حول ولا قوة لإبراهيم وإسحاق إلا بالله الرحمن الرحيم. فذكر وهب حديثا طويلا إلى أن قال وهب: وبلغني أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لقد سبق إسحاق الناس إلى دعوة ما سبقها إليه أحد! ويقومن يوم القيامة فليشفعن لأهل هذه الدعوة، وأقبل الله على إبراهيم في ذلك المقام فقال:
إسمع مني يا إبراهيم أصدق الصادقين. وقال لإسحاق: إسمع مني يا أصبر الصابرين، فإني قد ابتليتكما اليوم ببلاء عظيم لم أبتل به أحدا من خلقي، ابتليتك يا