قوله: فما تنفعهم شفاعة الشافعين قيل في معناه لا شافع ولا شفاعة، فالنفي راجع إلى الموصوف والصفة، كقوله لا يسألون الناس إلحافا.
وفي الحديث تكرر ذكر الشفاعة فيما يتعلق بأمور الدنيا والآخرة، وهي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم، ومنه قوله (صلى الله عليه وآله): أعطيت الشفاعة.
قال الشيخ أبو علي: واختلفت الأمة في كيفية شفاعة النبي (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة فقالت المعتزلة ومن تابعهم: يشفع لأهل الجنة ليزيد في درجاتهم. وقال غيرهم من فرق الأمة: بل يشفع لمذنبي أمته ممن ارتضى الله دينهم، ليسقط عقابهم بشفاعته.
وفي حديث الصلاة على الميت: وإن كان المستضعف بسبيل منك فاستغفر له على وجه الولاية. وفي الخبر: إشفع تشفع، أي تقبل شفاعتك، وفيه: أنت أول شافع وأول مشفع، هو بفتح الفاء، أي أنت أول من يشفع وأول من تقبل شفاعته.
وفي الحديث: لا تشفع في حق امرئ مسلم إلا بإذنه. وفيه: يشفعون الملائكة لإجابة دعاء من يسعى في المسعى كأنهم يقولون: اللهم استجب دعاء هذا العبد.
- تفسير الرازي ج 2 جزء 3 ص 55:
أجمعت الأمة على أن لمحمد (ص) شفاعة في الآخرة، وحمل على ذلك قوله تعالى: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا، وقوله تعالى: ولسوف يعطيك ربك فترضى... ثم اختلفوا بعد هذا في أن شفاعته (عليه السلام) لمن تكون؟ أتكون للمؤمنين المستحقين للثواب، أم تكون لأهل الكبائر المستحقين للعقاب؟ فذهب المعتزلة إلى أنها للمستحقين للثواب... وقال أصحابنا تأثيرها في إسقاط العذاب عن المستحقين للعقاب.
* *