المؤمنين من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم، لما أدخلهم الله النار مع المشركين قال لهم المشركون: ألستم كنتم تزعمون أنكم أولياء الله في الدنيا فما بالكم معنا في النار!
فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة لهم فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون حتى يخرجوا بإذن الله، فإذا رأى المشركون ذلك قالوا: يا ليتنا كنا مثلهم فتدركنا الشفاعة فنخرج معهم، فذلك قول الله: ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين، قال فيسمون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم، فيقولون: يا ربنا أذهب عنا هذا الاسم، فيأمرهم فيغتسلون في نهر الجنة فيذهب ذلك الاسم عنهم.
وأخرج هناد بن السري والطبراني في الأوسط وأبو نعيم عن أنس (رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ناسا من أهل لا إله إلا الله يدخلون النار بذنوبهم فيقول لهم أهل اللات والعزى: ما أغنى عنكم قول لا إله إلا الله وأنتم معنا في النار!
فيغضب الله لهم فيخرجهم فيلقيهم في نهر الحياة فيبرؤون من حرقهم كما يبرأ القمر من خسوفه، فيدخلون الجنة ويسمون فيها الجهنميين.
وأخرج الحاكم في الكنى عن حماد (رضي الله عنه) قال سألت إبراهيم عن هذه الآية: ربما يود الذين كفروا كانوا مسلمين، قال: حدثت أن أهل الشرك قالوا لمن دخل النار من أهل الإسلام: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون، فيغضب الله لهم فيقول للملائكة والنبيين: إشفعوا لهم فيشفعون لهم فيخرجون، حتى أن إبليس ليتطاول رجاء أن يدخل معهم، فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود (رضي الله عنه) في قوله: ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين، قال: هذا في الجهنميين، إذا رأوهم يخرجون من النار. انتهى.
وفي نفس الوقت روى السيوطي روايات تدل على أن تمني الكفار هذا ليس بعد دخول النار بل في يوم القيامة قبل دخول الجنة والنار.. قال: وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس (رضي الله عنه) في قوله: ربما يود الذين كفروا قال: ذلك يوم القيامة يتمنى الذين كفروا لو كانوا مسلمين قال: موحدين.