التقية لا تدل على أزيد من وجوب التحرز عن الضرر، وأما الآثار المترتبة على العمل الواقعي فلا. نعم لو دل دليل في العبادات على الإذن في امتثالها على وجه التقية فقد عرفت أنه يستلزم سقوط الإتيان به ثانيا بذلك العمل، وأما الآثار الأخر - كرفع الحدث في الوضوء بحيث لا يحتاج المتوضئ تقية إلى وضوء آخر بعد رفع التقية بالنسبة إلى ذلك العمل الذي توضأ له - فإن كان ترتبه متفرعا على ترتب الامتثال بذلك العمل حكم بترتبه وهو واضح، وما لو لم يتفرع عليه يحتاج إلى دليل آخر.
ويتفرع على ذلك ما يمكن أن يدعى أن رفع الوضوء للحدث السابق عليه من آثار امتثال الأمر به، بناء على أن الأمر بالوضوء ليس إلا لرفع الحدث وأما في صورة دائم الحدث فكونه مبيحا لا رافعا من جهة دوام الحدث لا من جهة قصور الوضوء عن التأثير.
وربما يتوهم أن ما تقدم من الأخبار الواردة في أن كل ما يعمل للتقية فهو جائز وأن كل شئ يضطر إليه للتقية جائز، يدل على ترتب الآثار مطلقا بناء على أن معنى الجواز والمنع في كل شئ بحسبه، فكما أن الجواز و المنع في الأفعال المستقلة في الحكم - كشرب النبيذ - يراد به الإثم والعدم وفي الأمور الداخلة في العبادات فعلا أو تركا يراد به الإذن والمنع من جهة تحقق الامتثال بتلك العبادات، فكذلك الكلام في المعاملات، بمعنى عدم البأس وثبوته من جهة ترتب الآثار المقصودة من تلك المعاملة، كما في قول الشارع بجواز المعاملة الفلانية أو لا يجوز. وهذا توهم مدفوع بما لا يخفى على المتأمل - انتهى كلامه.