مفضيا تدريجا إلى حصول الضرر، كترك المداراة مع العامة وهجرهم في المعاشرة، في بلادهم فإنه ينجر غالبا إلى حصول المباينة الموجب لتضرره منهم.
أقول: لا بد أن يكون مراده بالتضرر التضرر اليسير وغير العرض والمال الكثير الذي لا يقدر على التحمل.
والمباح ما كان التحرز عن الضرر وفعله مساويا في نظر الشارع، كالتقية في إظهار كلمة الكفر على ما ذكره جمع من الأصحاب. ويدل عليه الخبر الوارد في رجلين أخذا بالكوفة وأمرا بسب أمير المؤمنين عليه السلام.
والمكروه ما كان تركها تحمل الضرر أولى من فعله كما ذكر ذلك بعضهم في إظهار كلمة الكفر وأن الأولى تركها ممن يقتدي به الناس إعلاء لكمة الإسلام، والمراد بالمكروه حينئذ ما كان ضده أفضل.
والمحرم منه ما كان في الدماء. وبعد ذلك نذكر كلام الشهيد (ره) في قواعده مع النظر والتأمل في هذا المقام - فراجع.
ثم فصل (ره) الكلام في الوجوه الخمسة المذكورة في ص 320 فقال:
ثم الواجب منها يبيح كل محظور من فعل الواجب وترك المحرم، والأصل في ذلك أدلة نفي الضرر وحديث (رفع عن أمتي تسعة أشياء - ومنها ما اضطروا إليه)، مضافا إلى عمومات التقية مثل قوله في الخبر (أن التقية واسعة ليس شئ من التقية إلا وصاحبها مأجور) وغير ذلك من الأخبار المتفرقة في خصوص الموارد، وجميع هذه الأدلة حاكمة على أدلة الواجبات والمحرمات، فلا يعارض بها شئ منها حتى يلتمس الترجيح ويرجع إلى الأصول بعد فقده كما زعمه بعض في بعض موارد هذه المسألة.