مما هو رمد بل عمى في عين الدين، وشجى في حلوق المؤمنين، من قبائح تشمت أعداء الدين بها، وتمنع كثيرا ممن يريد الدخول فيه بسببه، بحيث لا يحيط بتفاصيلها خطاب، ولا يحصرها كتاب، يراها المؤمنون كلهم من أقبح القبائح ويعدونها من أعظم الفضائح، قد قلبت من الدين رسمه، وغيرت منه اسمه، وضمخ التيس المستعار فيها المطلقة بنجاسة التحليل، وقد زعم أنه قد طيبها للحليل، فيا لله العجب! أي طيب أعارها هذا التيس الملعون؟ وأي مصلحة حصلت لها ولمطلقها بهذا الفعل الدون؟
أترى وقوف الزوج المطلق أو الولي على الباب، والتيس الملعون قد حل إزارها وكشف النقاب، وأخذ في ذلك المرتع، والزوج أو الولي يناديه: لم يقدم إليك هذا الطعام لتشبع، فقد علمت أنت والزوجة ونحن والشهود والحاضرون والملائكة الكاتبون، ورب العالمين، أنك لست معدودا من الأزواج، ولا للمرأة أو أوليائها بك رضا ولا فرح ولا ابتهاج، وإنما أنت بمنزلة التيس المستعار للضراب، الذي لولا هذه البلوى لما رضينا وقوفك على الباب، فالناس يظهرون النكاح ويعلنونه فرحا وسرورا، ونحن نتواصى بكتمان هذا الداء العضال، ونجعله أمرا مستورا بلا نثار ولا دف، ولا خوان ولا إعلان، بل التواصي بهس ومس والإخفاء والكتمان، فالمرأة تنكح لدينها وحسبها ومالها وجمالها.
والتيس المستعار لا يسأل عن شئ من ذلك، فإنه لا يمسك بعصمتها، بل قد دخل على زوالها، والله تعالى قد جعل كل واحد من الزوجين سكنا لصاحبه، وجعل بينهما مودة ورحمة ليحصل بذلك مقصود هذا العقد العظيم، وتتم بذلك المصلحة التي شرعه لأجلها العزيز الحكيم.