بأن ألزمه بها وأمضاها عليه. وقال:
فإن قيل: كان أسهل من ذلك أن يمنع الناس من إيقاع الثلاث، ويحرمه عليهم ويعاقب بالضرب والتأديب من فعله لئلا يقع المحذور الذي يترتب عليه.
قيل: نعم، لعمر الله كان يمكنه ذلك ولذا ندم في آخر أيامه وود أنه كان فعله، قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في مسند عمر: أخبرنا أبو يعلى، حدثنا صالح بن مالك، حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ما ندمت على شئ مثل ندامتي على ثلاث: أن لا أكون حرمت الطلاق، وعلى أن لا أكون أنكحت الموالي، وعلى أن لا أكون قتلت النوائح.
وليس مراده من الطلاق الذي حرمه، الطلاق الرجعي الذي أباحه الله تعالى وعلم من دين رسول الله جوازه، ولا الطلاق المحرم الذي أجمع المسلمون على تحريمه كالطلاق في الحيض والطهر المجامع فيه، ولا الطلاق قبل الدخول، فتبين قطعا أنه أراد تحريم الطلاق الثلاث - إلى أن قال: - ورأى عمر - رضي الله عنه - أن المفسدة تندفع بإلزامهم به فلما تبين أن المفسدة لم تندفع بذلك وما زاد الأمر إلا شدة، أخبر أن الأولى كان عدوله إلى تحريم الثلاث الذي يدفع المفسدة من أصلها، واندفاع هذه المفسدة بما كان عليه الأمر في زمن رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " وأبي بكر وأول خلافة عمر - رضي الله عنه - (1).