وقال ابن حجر: والذي يظهر أن البخاري أراد الإشارة إلى الرد على من قال بجواز الرجوع في الهبة. (1) نظرية الحنفية قال في «الهداية»: «وإذا وهب هبة لأجنبي فله الرجوع فيها.
وقال الشافعي: لا رجوع فيها، وذكر دليله وتكلم فيه.
ثم قال: ولنا قوله: الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها» (2)، أي: ما لم يعوض، ولأن المقصود بالهبة هو التعويض للعادة، فتثبت ولاية الفسخ عند فواته.
ثم قال: «وقوله في الكتاب: فله الرجوع، لبيان الحكم».
أما الكراهة فلازمة، لقوله (صلى الله عليه وسلم): «العائد في هبته كالعائد في قيئه». (3) وهذا لإستقباحه، أي: لا لحرمته، لأن الذي يعود في قيئه الكلب، وفعله يوصف بالقبح لا بالحرمة. ولذلك المعنى روى البخاري عن عمر أنه قال: حملت على فرس في سبيل الله فرأيته يباع، فسألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟
فقال: «لا تشتره، ولا تعد في صدقتك». (4) وقال قتادة في عقب هذا الحديث: «ولا أعلم القئ إلا حراما». (5) وكما ذكرنا في محله فإن للبخاري - خارج صحيحه - كتبا في أجزاء مستقلة أعد منها رسالة في الهبة، وقد أثبتنا أن كتب البخاري في الفقه ناظرة إلى فقه أبي حنيفة، ولا