الثاني موارد تعريضه بأبي حنيفة صراحة إلى هنا أوردنا المسائل التي تعرض لها البخاري على أهل الرأي بقوله: «بعض الناس»، وقد رأينا كيف أنه اعتبر في بيان تناقضاتهم بالتصريح على مخالفتهم للحديث، كما مر في مسألة الرجوع في الهبة.
وأما المسائل التي أشار فيها إلى أبي حنيفة صراحة فكثيرة، سنذكر جملة منها.
المسائل التي قرر فيها البخاري رأيه دون أن يشير إلى أهل الرأي ما يأتي:
1 - إعتبار حديث «الأعمال بالنيات» في موارد متعددة، وقد فصلنا البحث فيها بأنه يرى الأعمال كلها تتقوم بالنيات، خلافا لأبي حنيفة: فإنه لا يعتبر النية في صحة المعاملات وفي العقود والإيقاعات ولا في كثير من موارد العبادات والتروك.
2 - حقيقة الخمر ومسماها: فإنه يحرم جميع أقسام الخمر، وأما أبو حنيفة فإنه يقصر الخمر على العصير العنبي، بينما عصير غيره إذا تخمر فإنه لا يحرم القليل منه والذي لا يسكر!
وقد فصل البخاري في عدة أبواب مفندا فيها هذا الرأي، ومثبتا أن الخمر اسم لجميع أقسام المسكر من دون فرق بين العصير العنبي وغيره من الأنبذة، ولا بين القليل منه والكثير، ويقول في ذلك:
- باب: الخمر من العنب.
- باب: تحريم الخمر، وهي من البسر والتمر.
- باب: الخمر من العسل، وهو البتع.
- باب: ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب.
- باب: ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه. (1)