مقدمة ما نريد التأكيد عليه هو بدء تبلور الظروف السياسية واسهام المؤسسات الحكومية في عملية تدوين السنة والحديث وتزوير الوقائع التاريخية، ونظرا للامكانات الهائلة التي توفرت للمؤسسات الحاكمة وشعورها بضرورة التأسيس لشرعيتها فقد بدأت حركة التدوين تأخذ مسارها ضمن أهداف مرسومة سلفا.
ولذا فان السياسات المتعاقبة وضعت يدها على حركة التدوين في حقول مهمة كالحديث والسنة وفضائل الصحابة والمجال العقيدي.
فلم تمض إلا فترة وجيزة حتى بدأت مختلف المذاهب بالتبلور والظهور ومن ثم الصراع، ولعل أخطر ما واجه الثقافة الاسلامية هو إقصاء أهل البيت عن الحياة العامة وإقامة سد من الحصار حولهم.
ومن هنا فإن للساسة الأمويين ومن بعدهم العباسيين اليد الطولى في صياغة بعض التيارات العقيدية والفكرية التي ظهرت في الحياة الإسلامية.
وفي خضم الأجواء المشحونة بالأطماع والطموحات الذاتية الرخيصة ظهر علماء حكوميون استغلهم الساسة في تمرير بعض المشاريع التي تتناقض روح الاسلام والشريعة، بل أن الأمر تعدى إلى ارتكاب المذابح بفتاوى تبيح لهم ذلك حتى أصبحوا مناديل يمسح السفاكون بها أيديهم الملطخة بدماء الضحايا والأبرياء.
ولذا فأن الحاجة إلى مناقشة ودراسة مدونات التاريخ في العصرين الأموي والعباسي ملحة وضرورية للكشف عن الحقائق التي بات البعض يخشى وضعها في دائرة الضوء.